هداية النتشة
قصة امرأة بألف رجل
في هذه القصة نماذج لنساء نجحن في تجاوز أصعب الظروف، لنساء أثبتن أنه بالعزيمة والاصرار يتحقق المستحيل، لنساء حولن حياتهن البسيطة لقصص مبهرة، تثبت أن نساء فلسطين لا يعترفن بالمستحيل، لنساء أحدثن تغيير ايجابي في حياتهن وحياة الاخرين، لنساء حولن أحلامهن لواقع، لنساء تسلحن بالتصميم والمثابرة والإرادة، لنساء رغبن في الاستقلال المادي ورفع مكانتهن المجتمعية، لنساء يعتبرن الحاضنة لجميع أفراد الأسرة، لنساء هن حجر الأساس في المنزل، لنساء تحلين بالمرونة. فالمرأة الفلسطينية إذا عشقت فكرة احتضنتها ورعتها تماما مثل طفلها الصغير الى ان يكبر.
ومن خلال مشاركة هذه النماذج نأمل على تحفيز وتمكين النساء الأخريات لتحقيق أهدافهن وأحلامهن بإصرار للمساهمة في احداث تغيير ايجابي في المجتمع، ونأمل أن تكون هذه النماذج مصدر الهام لجميع النساء حول العالم حتى يغدو العالم منارة تشع بالطاقة للنساء الإيجابيات، والواثقات بأنفسهن.
بالبداية كانت تجربتي بالعمل ضمن مشروع مرشدي الأعمال الشباب لدى مؤسسة ابتكار، من أهم التجارب التي عملت على تنمية مواهبي وتطوير شخصيتي ومهاراتي الاجتماعية ونقل خبراتي، فقد خضت خلال هذه التجربة رحلة من التكيف مع التغيرات والتحديات بالاجتهاد والمثابرة رغم كل العقبات والظروف الصعبة، ولقد علمتني هذه التجربة كيف اكون مديرة نفسي ومالكة القرارات الأولى في العمل ،بالإضافة إلى التمتع بصفة الانضباط الذاتي وتحمل المسؤولية وتنظيم الوقت والمرونة في التعامل مع المواقف المختلفة، والتمتع بمهارات التواصل لأكون دور فعال بتغيير حياة الاخرين ايجابياً من خلال نقل المعرفة للسيدات.
فالإرشاد والتوجيه هو عملية تعاونية تفاعلية بين الفرد ومرشد الأعمال الشاب، حيث يساعد المرشد الفرد على تحقيق أهدافه وتطوير امكانياته بمساعدة الفرد للتركيز على نقاط قوته وضعفه وتطوير مهاراته وقدراته، وقد استخدمنا خلال هذه التجربة مبدأ باريتو 80/20 والذي ينص على أن 80% من النتائج تأتي من 20% من الجهود المبذولة بتعاون المرشد وصاحبة المشروع. بالإضافة لذلك طبقنا قاعدة علمني كيف اصطاد السمكة والتي تعبر عن أهمية التعلم الذاتي واكتساب المهارات بدلا من الاعتماد على المساعدة اللحظية، فتعليم الشخص كيف يحصل على ما يحتاجه بنفسه يكون أكثر نفعا على المدى الطويل لأنه يمكنه من مواجهة التحديات المستقبلية دون الحاجة لمساعدة مستمرة.
ومن أبرز قصص النجاح التي تعكس أثر عملنا كفريق بمؤسسة ابتكار قصة سهى عليان من مخيم عايدة التي استطاعت من خلال المشروع التغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة، والتي بدأت طريقها بأقل الامكانات وانطلقت نحو خوض أشرس معركة في الحياة تدور رحاها حول تحقيق الذات، وها هو المستقبل يفتح لها ذراعيه، حيث رأى مشروعها الصغير النور وبدأت تصنع أفكار خلاقة من لا شيء، همها الوحيد أن تضيف نجمة إلى السماء المعتمة علها تدفع العجلة الاقتصادية المعطلة، فها هي سهى بأبسط الأدوات تبتكر وتبدع متجاوزة معيقات تعترضها بلا هوادة، رافعة شعار يكفي أن تؤمني بنفسك، اياك والاستسلام، فبالعزيمة والاصرار وحب العمل والشغف الكبير استطاعت سهى البدء بمشروعها المميز المتخصص بصناعة الكيك والحلويات الصحية امتثالا للتطور بأساليب العيش وزيادة الوعي بالتغذية الصحية الذي دفع الكثيرين إلى البحث عن بدائل صحية للحلويات التقليدية، مما فتح الباب أمام سهى لتطوير وصفات متنوعة تلبي هذه الرغبات.
بدأت سهى مشروعها في المطبخ المنزلي كخطوة أولى وباستخدام أدوات ومكونات بسيطة معتمدة على موهبتها التي أساسها الشغف والتي تجمع بين الفن والابداع والابتكار، فمشروعها يحمل في طياته فرصاً اقتصادية وابتكارية لا حصر لها. وترى سهى أن نجاح أي مشروع يكمن في القيم التي يجب أن يحملها، وهي قيم تحمل في طياتها الشغف بالعمل والطموح والهوية، وبذلك استطاعت سهى الجمع بين الحرفية والابداع لتلبي احتياجات الزبائن، وتقول سهى أن لا شيء يقف عائقا أمام من يريد الوصول لأهدافه.
بدأنا بالعمل مع سهى على بناء العلامة التجارية، باختيار اسم جذاب ومميز للمشروع، وتصميم شعار يعكس هوية المشروع، ثم اعتمدنا منهجية تطوير المهارات الفنية لدى سهى بشكل مستمر، من خلال التشبيك مع المؤسسات النسوية لالتحاق سهى بورش العمل والدورات التدريبية المتخصصة بأساسيات الكيك، ومتابعة قنوات الطهي على الانترنت، والاستفادة من الخبراء في المجال عبر منصات التواصل الاجتماعي. فأصبحت سهى من الحائزين على منح مادية وتسويقية لتطوير المشروع، مما أتاح لها الفرصة للمضي قدماً نحو التغيير، إضافة إلى الدورات في مجال التصوير وإدارة المشاريع، حيث بدأت سهى التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة مثالية لعرض المنتجات والتفاعل مع العملاء، بالإضافة إلى مشاركتها في المعارض والبازارات، وها هي سهى اليوم تقف أمام جمهور من السيدات لتنقل لهم خبرتها في مجال الريادة والحلويات الصحية.
وبالتطلعات المستقبلية لمشروع سهى نرى بابتكار نمو مشروعها وتطور خبراتها وزيادة الطلب على منتجاتها، وذلك يتطلب افتتاح متجرها المستقل الخاص بالكيك والحلويات المتنوعة، والذي ينافس بجودته وتميزه المشاريع القائمة الأخرى، كما تعاونت سهى مع المقاهي والمطاعم. ونرى سهى اليوم مدربة محترفة في مجال الكيك والحلويات الصحية، لتنقل خبرتها إلى أكبر عدد ممكن من السيدات لتكون تجربتها مصدر إلهام وبصمة تغيير.
ونضيف قصة منيرفا فؤاد من مخيم عايدة والتي عبرت عن امتنانها وسعادتها لالتحاقها ببرنامج مرشدي الأعمال الشباب بمؤسسة ابتكار، والذي فتح لها أبواباً جديدة من الفرص والتشبيك والحصول على المنح، منها المنحة التسويقية من مؤسسة كريتاس القدس، فكانت رسالتها للنساء الفلسطينيات للاعتماد على الذات، وتنمية واستثمار ما يكتسبوا من علم، ولا يعتادوا على الاستهلاك دون التفكير بقادم الأيام، فكانت خطوة التغيير لديها بترك وظيفتها كأخصائية نطق ولغة بمشفى خاص، وفتح مشروعها المستقل (عيادة منيرفا للنطق واللغة ) كان المشروع صنبور الدخل لديها، وبدأت أنا كمرشدة أعمال رحلة العمل معها لتحفيزها ودعمها وتشجيعها على النهوض بمشروعها المستقل، فقد كنت الضوء الذي ساعدها للتغلب على التحديات بشكل اكثر فعالية، واتخاذ القرارات الصائبة وتجنب الوقوع بالأخطاء، وكان لشخصية منيرفا المثابرة الطموحة الدور الفعال في تحقيق أهدافي لأنها تمكنت التفوق بمشروعها، عن طريق التعلم من توجيهاتي وانتقاداتي البناءة، فقد تبادلنا خلال رحلة العمل النجاح والاخفاق بعلاقة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل وتبادل الخبرات.
فبالإضافة لخبرة منيرفا العملية الطويلة في مجال النطق واللغة، طورت خلال المشروع مهاراتها الفنية فأصبحت تقدم جلسات إلكترونية علاجية متخصصة عن بعد. من جلسات ارشادية للأهالي وجلسات نطق ولغة عبر الانترنت وتقديم الخدمات العلاجية المتنوعة التي تلبي احتياجات المجتمع، وبدأت بتصميم مجموعات لألعاب وأدوات تعليمية تزيد فعالية الجلسات العلاجية، وأحدثت دور بارز في صناعة محتوى تسويقي هادف وفعال، بتصاميم محترفة للمنشورات وللمقاطع القصيرة من خلال المعلومات المكتسبة من المشروع.
ونحن بابتكار نملك الثقة بإصرارها على مواصلة المشوار ونراها نموذجا يفتخر به، ونطمح مستقبلاً أن تمتلك أكبر منصة أونلاين علاجية متخصصة، وأن نراها صاحبة أكبر متجر إلكتروني متخصص في بيع الأدوات والألعاب التفاعلية التعليمية.
وفي الختام، نؤكد على رسالة فريق مرشدي الأعمال الشباب بمؤسسة ابتكار بأننا نعمل جنباً الى جنب لتمكين المشاريع الصغيرة، وتحويلها إلى مشاريع ناجحة مستدامة ومؤثرة في المجتمع، كون الاستدامة مفتاح لطريق النجاح. والابتكار في تقديم المنتجات والخدمات لتحقيق عدد مرتفع من المبيعات وأعلى قدر من الأرباح، لتصبح مصدر دخل مستدام وقناة تمويل دائمة للمشروع، فالدخل من أولويات وأساسيات استدامة المشروع. بالإضافة لتشبيك المشاريع الناشئة مع فرص التمويل خاصة المنح، والتفكير المستمر بإيجاد مصادر دخل جديدة وتكوين شراكات وإيجاد نقاط بيع، وابتكار طرق وحلول متعددة تحقق للمشروع الدخل لتضمن استدامته، والاستعانة بالخبرات العملية الانتاجية أو التسويقية.