أصالة جمعة
الخطوة الأولى لصانعة كروشيه مبدعة
لكل مشروع في هذا العالم تحديات وصعوبات تواجهه في طريق النجاح والتطور، لكن في فلسطين التحديات مختلفة جداً ولها خصوصية. فهي تتعدى قلة المعلومات أو ضعف الإدارة والتخطيط إلى الوضع الاقتصادي والأمني الذي قد يتغير وينقلب في أية لحظة، وهذا ما واجهته معظم المشاريع الفلسطينية خلال العام المنصرف. وهنا نرى دور المؤسسات الداعمة والمساندة لصاحبات المشاريع، التي تسعى لإنقاذ هذه المشاريع وتطويرها رغم قلة الإمكانيات والظروف المتغيرة. ابتكار هي أكثر من مجرد مؤسسة تدعم النساء صاحبات المشاريع، بل هي ملتقى وحاضنة لصاحبات المشاريع تربط بينهن وبين المجتمع والمؤسسات الداعمة لهن، وقد سعت ابتكار من خلال هذا المشروع لدعم النساء وتطوير مهاراتهم المختلفة، للنهوض بمشاريعهن حتى في الظروف الصعبة التي نمر بها في الوقت الحالي. من خلال مشروع "مرشدي الأعمال الشباب" وفرت ابتكار تدريباً للشباب المهتمين بالريادة والأعمال، وأتاحت لهم الفرصة للعمل مع صاحبات المشاريع وتطويرها من خلال برنامج منظم ومتكامل لتحقيق الفائدة على كل الأصعدة.
"بشرى كروشيه" المشروع الذي عملت معه، مشروع صغير يعتبر في بداياته لكن صاحبة المشروع موهوبة جداً في صنع منتجات الكروشيه المختلفة، كانت بحاجة للإرشاد في عدة مجالات، فهي كانت تصنع منتجات جميلة ومميزة لكنها تعتمد على ذوقها الشخصي ولا تراعي احتياجات السوق. كما كانت بحاجة لمعلومات في مجال التسويق الإلكتروني، وخطة مدروسة للنشر والتسعير. بالبداية عملنا على دراسة السوق والمنافسين لتحديد المنتجات المطلوبة، والتي تحتاج منها وقتاً وجهداً أقل. لقد تم توجيهها لعمل منتجات جديدة تلبي احتياجات الزبائن أكثر، كذلك تم العمل على جانب التسويق الإلكتروني وتطوير مهاراتها في هذا الجانب، وهنا كنت سعيدة جداً لأن جانب التسويق هو المفضل لدي فأنا أحب الصورة والألوان وكل ما يتعلق بها، لأنني أرسم وأحب الفن. فكنت أقدّم لها اقتراحات لعرض المنتج بصورة أجمل تجذب الناس وتثير اهتماماتهم. وبالرغم من حبي لهذا الجانب إلا أنني اعتمدت على المعلومات التي قدمها لنا المدرّب حول استراتيجيّات التسويق والإعلانات، وخوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي، فكانت بمثابة مرجع ساعدني على تقديم الفائدة لها بأفضل صورة ممكنة، مما مكنها من الاستناد إلى معلومات دقيقة وواضحة عند نشرها لأي محتوى متعلق بالمشروع.
كنا دائماً نسعى لجعل اللقاءات لطيفة ومرحة بعيدة عن الجمود والجدية الزائدة، سواء كانت لقاءات وجاهية أو عن بعد. كنا نعرض المشاكل ونناقشها سوياً ونسعى لحلها بأفضل الطرق، والذي ساعدني حقاً على تنظيم الموضوعات وتسلسلها بشكل يلبي احتياجات المشروع، هو وجود فريق داعم من ابتكار يتابع تقدمي مع المشروع ويعطيني إطار واضح ومتسلسل للأمور التي يجب أن نعمل على تطويرها.
ومما تعلمته شخصياً من هذه اللقاءات، هو أن كل صاحبة مشروع لها بصمتها الخاصة التي يجب على مرشد الأعمال احترامها، وترك المجال لها لتبدع وتظهر جانبها الشخصي، لأن هذا ما يجعلها تستمر وتتقدم، ويميزها عن غيرها من المشاريع. كما تعلمت أن وجود شخص يعطي رأيه ويرشد ويدعم صاحبة المشروع يساعد بشكل كبير على تطويره واختصار الكثير من الوقت والجهد. وهذا ما لامسته في بشرى التي لديها الكثير من الأفكار والإبداع، لكنها بحاجة لمن يؤيدها ويوجه هذه الأفكار لتخدم المشروع بأفضل صورة ممكنة.
استطاعت بشرى خلال التدريب توجيه جهودها نحو منتجات أكثر تميزًا، والاستفادة من تجارب غيرها من صانعات الكروشيه المحليّات، وأيضاً تسعير المنتجات بما يتناسب مع الجهد والوقت والتكلفة والقدرة الشرائية للزبائن. أما بالنسبة لصفحات التواصل الاجتماعي والتسويق عبر الإنترنت، فلقد أصبح لديها معرفة أكبر بخوارزميات هذه الصفحات، واختارت أن تركز على صفحة "الإنستغرام" مع مراعاة عدم إهمال باقي الصفحات، وتمكنت من تحسينها بشكل ملحوظ. لكنها ما زالت بحاجة إلى التعديل والتطوير المستمر لتلائم الاحتياجات المتغيرة للجمهور. وبالرغم من ذلك فإن التقدم الذي حققته كان جيداً ومرضيًا لي، فالمشروع برأيي قد خطا خطوته الأولى، وبمزيد من الجهد والاستمرارية بإمكانها تحقيق الكثير.
أما بشرى فهي ترى أنها حققت ما كانت ترغب به في هذا البرنامج، حيث قالت: "إن انضمامي لهذا المشروع ما هو إلا حافز وداعم لي للمضي قدمًا والاستمرار في تطوير مشروعي، ومع مدربتي التي لا أكاد أخطو خطوة بدونها، ومع نصائحها لي في تفاصيل مشروعي الصغيرة والكبيرة، تقدم مشروعي وانتقل لمرحلة جديدة، فمعها تعلمت التسويق، وتسعير المنتجات، وتوفير مستلزمات المشروع. وأرى أن مع القليل من الوقت والمزيد من الجهد، سينتقل المشروع لمراحل أعلى وأوسع".
إذا كنت سأعطي رأيي في برنامج "مرشدي الأعمال الشباب" فسأقول إنه برنامج ناجح جدًا، فمن خلال فريق ابتكار تطورت قدرتنا على التدريب بشكل ملحوظ، لأن البرنامج لم يركز فقط على عرض المعلومات ومناقشتها، بل على تطوير شخصية المرشدين وتأهيلهم بطريقة أفضل لمساعدة المشاريع. كما أن وجود فريق ابتكار دائمًا بجانب المدربين والاستماع لوجهات النظر المختلفة وفتح المجال لتقييم التدريبات يعتبر طريقة ناجحة لتحسين الدورات وتطويرها، وأنا أرى أن هذا البرنامج يجب أن يكون على نطاق أوسع ليشمل شرائح وفئات أكبر من المجتمع. ورؤية ابتكار يجب أن تصل للأجيال الأصغر سناً كالمراهقين وطلاب المدارس، لبناء جيل جديد يسعى دائماً للإبداع والابتكار في مختلف المجالات.
تجربتي مع ابتكار كانت فريدة وشكلت تحولاً كبيراً في شخصيتي ومعرفتي في مجال الريادة، في البداية كانت معلوماتي حول الريادة والأعمال محدودة، لا تتجاوز إلا معرفة بسيطة اكتسبتها من التجربة الشخصية وقراءة الكتب أو متابعة فيديوهات متعلقة بهذا الموضوع، وكنت أتساءل كثيراً عما إذا كانت هذه المعلومات موثوقة أو يمكن اعتمادها، لكن بعد التدريب التي عقدته ابتكار مع مجموعة ذات خبرة من المدربين المتميزين في مجالهم، توسعت مداركي بشكل كبير. وأصبح لدي مخزون من المعرفة والمهارات الموثوقة في هذا المجال التي أستطيع أن أفيد بها نفسي وغيري في نفس الوقت. بالإضافة إلى أن المتابعة المستمرّة والدعم الذي قدّمته ابتكار خلال فترة التدريب كان كافياً لسد أي نقص في المعلومات بشكل مباشر، وتحقيق أكبر فائدة ممكنة لصاحبات المشاريع.
في الختام لا يسعني إلا أن أكون ممتنة كثيراً لابتكار لإتاحة الفرصة لي لأتعرف على جوانب كثيرة في نفسي لم أكن أدركها سابقاً، حيث أدركت أن لدي رغبة كبيرة في البحث والتعلم ونقل المعرفة إلى غيري بشكل أفضل. كما أدركت أن الريادة والأعمال عالم متطور وسريع لكنه جميل، وعلى من يرغب في التطور بإمكانه تحقيقه إذا التزم وسعى لذلك. فالمعلومات والتدريبات أفادتني أيضاً لأطور مشروعي، وألا أتخلى عن حلمي في التوسع والابتكار والإبداع. كذلك شعرت أن ابتكار ليست مجرد مؤسسة، بل هي مكان ومساحة جميلة وراقية تجمع الشباب وصاحبات المشاريع لتبادل الخبرات والأفكار، وكذلك تكوين صداقات جميلة وقوية، فالأشخاص الذين تعرفت عليهم في ابتكار رغم اختلافهم إلا أن كل شخص منهم ترك أثراً في نفسي. أنا سعيدة جداً لأنني كنت جزءاً من ابتكار طوال هذه الفترة الماضية. ولن أنسى كل ما تعلمته حيث أنني استفدت منه على المستوى الشخصي، وأتمنى لهذه المؤسسة التقدم والتطور نحو الأفضل دائماً، لأن فيها فريقًا مميزًا يسعى للتميز والإبداع.